نبذه عن غزوة تبوك بعد هجرة النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى المدينة كان لا بدّ من إرساء دعائم الدولة الإسلاميّة، لتكون المدينة مكان انطلاق الدعوة الإسلامية وعاصمتها، ولهذا كان لا بدّ من خوض بعض الغزوات والحروب لتمكين المسلمين وإعلاء رايتهم، ولإدخال الرعب إلى قلوب كفار قريش وغيرهم من يهود المدينة والقبائل المعادية للمسلمين، ومن أشهر الغزوات التي خاضها الرسول -عليه الصلاة والسلام- غزوة تبوك، التي تُسمى أيضًا غزوة العُشرة، غزوة تبوك من الغزوات المفصلية المهمة في التاريخ الإسلامي، وقد أشار الله تعالى إليها في آيات القرآن الكريم، منها قوله تعالى: {نْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}1).
غزوة تبوك أو غزوة العُسرة من الغزوات التي حدثت في ظروف صعبة جدًا، وعلى الرغم من الظروف، دعا الرسول -عليه الصلاة والسلام- المسلمين إلى هذه الغزوة لأسبابٍ عدّة، وأهمّ هذه الأسباب ما يأتي: 2)
حدثت غزوة تبوك لتحقيق عدّة أهداف مهمّة، وتحقيق هذه الأهداف جاءت كنتيجة مباشرة لأسباب خوض هذه الغزوة في الوقت الحاسم الذي حدثت فيه، ومن أهم أهداف غزوة تبوك ما يأتي: 3)
حدثت غزوة تبوك في شهر رجب، وكان ذلك في العام التاسع من الهجرة، وكان الجوّ في شدّة الحر، وأصاب المسلمين حالة من القحط وشدّة الجوع والجفاف والفاقة، لذلك سُميت غزوة العُسرة، وقد حدثت في منطقة تبوك، حيث سار جيش المسلمين مسافات طويلة حتى وصل إلى هذه المنطقة، علمًا أنّ الرسول -عليه السلام- كان قد أعلن قبل تحرّك الجيش نيته لغزو الروم، لكن الروم لم يحضروا إلى المعركة ولم يُلاقوا المسلمين في تبوك، ولم يحدث قتال.
دعا الرسول -عليه الصلاة والسلام- إلى النفير العامّ، وأمر المسلمين بالاستعداد لمعركة عظيمة مع الروم، خصوصًا أن الروم كانوا يمثلون قوّة عظمى في تلك الأيام، وكان جيشهم أقوى جيوش الأرض في تلك الفترة، فخرج الرسول -عليه الصلاة والسلام- مع المسلمين والصحابة حتى وصلوا إلى منطقة تبوك، وأثناء تجهّز المسلمين للمعركة، حاول المنافقون إضعاف عزيمة المسلمين وثنيهم عن الخروج، لكن المسلمين لم يتوانوا عن بذل المال والنفس، خصوصًا: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والعباس بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله -رضي الله عنهم- جميعًا، كما أنّ نساء المسلمين أنفقن ما يملكن من حلي ومجوهرات لتجهيز الجيش، وكان عدد جيش المسلمين ثلاثين ألف مقاتل، وعند وصول جيش المسلمين إلى تبوك، لم يجدوا أحدًا من الروم أو من النصارى العرب، فثبت الرسول -عليه الصلاة والسلام- حكم الإسلام في تبوك، وأرسل خالد بن الوليد -رضي الله عنه- على رأس سرية إلى دومة الجندل، فوقع ملكها في الأسر وحملوه إلى تبوك، فصالح على الجزية، وقد لبث جيش المسلمين في تبوك بضعة عشرة ليلة، ولم يأتِ اي أحد من الأعداء. 4)
نتج عن غزوة تبوك العديد من النتائج التي شكّلت علامة فارقة في تاريخ المسلمين، خصوصًا أن الله تعالى أنزل في سورة التوبة آيات تتحدث عن غزوة تبوك ونتائجها التي شكّلت أحداثًا مفصلية في الإسلام، كما أن غزوة تبوك كشفت الكثير من الحقائق والأشخاص، وأفرزت عددًا من الأحداث الهامة، وهي كما يأتي: 5)