معلومات عن وعد بلفور في أثناء الحرب العالميّة الأولى وحينما ضعفت الدّولة العثمانيّة التي كانت تضم تحت جناحيها الشّعوب العربيّة والإسلاميّة، فكّرت بريطانيا وفرنسا في أن ترث تركة الدّولة العثمانيّة، خاصّة أنّهما خرجتا منتصرتين في الحرب العالميّة الأولى والتي هزمت معسكر دول المركز الذي كانت تمثّله حينئذ ألمانيا، والنّمسا، وإيطاليا، والدّولة العثمانيّة، فعقدت فرنسا وبريطانيا اتفاقيّة سايكس بيكو الشّهيرة عام 1916 التي تمّ بموجبها تقسيم الدّول العربيّة وفق حدودٍ مصطنعة وإبقائها تحت الاستعمار البريطاني والفرنسي، وقد ظنّت بريطانيا وفرنسا أنّها الوصيّة على مقادير الشّعوب العربيّة والإسلاميّة ومسؤولة عن مصيرها فقرّرت بريطانيا في لحظةٍ من اللحظات منح اليهود في فلسطين وقد كانوا أقليّة دينيّة لا تتجاوز 5% وعدًا بإقامة وطن قومي لهم في هذه الأرض المقدّسة، وسمّي ذلك بوعد بلفور نسبةً إلى وزير خارجيّة بريطانيا جميس آرثر بلفور الذي بعث بهذا الوعد إلى اللورد روتشيلد.
وعد بلفور صدر تحديداً في اليوم الثّاني من شهر نوفمبر عام 1917 وهو عبارة عن رسالة أرسلها وزير خارجية بريطانيا حينئذ جيمس آرثر بلفور تبيّن نظر الحكومة البريطانيّة بعين العطفة والشفقة اتجاه اليهود، وتبيّن سعيها إلى إقامة وطن وكيان لليهود في فلسطين، كما تتعهّد الحكومة البريطانيّة فيه بعدم المساس بحقوق الطّوائف الدّينيّة الأخرى في فلسطين، كما أنّ هذا الوعد لن يمسّ حقوق وامتيازات اليهود خارج فلسطين، وقد بدأ تحقيق هذا الوعد عندما عيّنت بريطانيا مندوب سامي لها في فلسطين يدين باليهودية وهو هربرت صموئيل، والذي عمل جاهدًا في سنّ قوانين تُسهّل هجرة اليهود إلى فلسطين كما منحهم امتيازات كبيرة فيها .
ويختلف المؤرخون في سبب إعطاء بريطانيا هذا الوعد لليهود فمنهم من يرى بأنّ بريطانيا تعاطفت فعلًا مع اليهود بسبب ما تعرّضوا له من اضطهادات وتهميش وهذا الرّأي ضعيف بسبب البراغماتية التي كانت تحكم سياسات الدّول في ذلك الوقت، ومنهم من يُرجع بدوره سبب هذا الوعد إلى سعي بريطانيا للتّخلص من اليهود وخاصّةً بعد الهجرات المتتالية التي شهدتها بريطانيا للجاليات اليهوديّة التي وجدت عداوة لها في بعض الدول كألمانيا، ويعود ذلك بسبب أنّ اليهود كانوا يتّصفون بصفات انعزاليّة عن المجتمع إلى جانب تفكيرهم المبني على الجشع والطّمع في ثروات البلاد التي يقيمون فيها، وأخيرًا هناك من يفسّر هذا الوعد من منطلق ديني عقائدي حيث إنّ قدوم اليهود إلى فلسطين وهجرتهم إليها هي بداية ومقدّمة لنزول السّيد المسيح الذي تنتظره الشعوب الغربيّة النّصرانيّة.