تعرف على قوم شعيب من الأقوام السابقة الذي استدعى تكبرهم وطغيانهم واستعجالهم بعذاب الله وإنكارهم الرسالة وما بها من نجاة في الدنيا والأخرى قوم شعيب الذين اتخذوا من مدين مستقرا لهم، وهي ركن من أللحجاز وتقع على مشارف منطقة معان، ويعود نسبهم إلى إبراهيم عليه السلام، وقد أرسل الله إليهم شعيب عليه السلام، وكان بعض السلف قد اسماه خطيب الأنبياء نظرا لأسلوبه الفصيح وطلاقة لسانه في دعوة قومه.
وكان أهل مدين قد اعتادوا على قطع السبيل، ويخفون المارة من الناس، ويعبدون شجرا يدعى الأيكة وهي شجرة يلتف حولها غيضة، كما كانوا أسوء الخلق في التعاملات في الأسواق حيث يبخسون المكيال والميزان ويطففون بها بغية اخذ الزائد من المال، بحيث يضللون بناس ويبخسوهم بضاعتهم، فأرسل الله إليهم شعيبا، يحثهم على عبادة الله وحده لا شريك له ولا ند، وترك الممارسات القبيحة التي اعتادوا عليها من التبخيس بأشياء الناس، وانتهاهم عن قطع الطريق عن المجتازين، او اقتطاع من أموالهم، وأمرهم بالكف عن الظلم، ودعاهم لتقوى الله في كافة نواحي حياتهم من بيع وشراء وتجارة وغيرها من القيم المثلى كالإحسان والعدل، وان المال الحلال مبارك فيه وان قل، وان المال الحرام لا يجدي نفعا حتى لو كثر، كما وعظهم بما حل بالأمم السابقة كقوم نوح وعاد وصالح ولوط الذين أهلكهم الله بذنوبهم وبتكذيبهم وعصيانهم حتى يسترشدوا ويقبلوا بالتوبة الا الله عز وجل.
ومن علامات و دلائل جحودهم أنّهم لم يكتفوا فقط بالجحود والتكبر والعصيان وإنكار نعم الله عز وجل وإيذاء شعيب عليه السلام، بل أنهم سآلو شعيبا أن يطلب من الذين آمنوا أن يتركوا الدين والعبادة حتى يؤمنوا بالله لكن شعيب رفض.
ولم يؤمن بشعيب الا قليل من القوم، وكفر الكثير منهم، بل أنهم تطاولوا عليه وهددوه بالقتل لولا شأن قبيلة شعيب عليه السلام، مما استوجب غضب الله سبحانه وتعالى، فانزل الله بهم انواع مختلفة من العذاب ، حيث اصابهم حر شديد، ومنع الله عنهم هبوب الرياح سبعة ايام متتالية، قلم ينفعهم ماء أو ظل أو دخولهم إلى مساكنهم، فتركوا بيوتهم ومتاجرهم هاوية هاربين إلى البرية وعندها أظلتهم سحابة سوداء، فاجتمعوا حولها ليستظلوا تحتها، فلم اكتمل عددهم، أرسلها ترميهم بشهب وشرار، واهتزت بهم الأرض، ونزلت عليهم صيحة من السماء فأزهقت وأهلكت الأرواح ( وهي صاعقة مروعة ذات صوت مهلك)، وانجى الله شعيبا ومن معه من المؤمنين من هذا العذاب الشديد بعد أن دعاهم ونصحهم وعرفهم بعذاب الله فأنكروه فنزل بساحتهم فأهلكتهم وأورث الله شعيباً ومن معه أرضهم من بعدهم.