معلومات عن المدرسة المستنصرية القديمة هو المنصور بن محمد الظاهر المكنى بأبي جعفر والملقب بالمستنصر بالله أحد خلفاء بني عباس، تولى الخلافة بين عامي 623هـ إلى 640هـ، وقد عُرف المستنصر بالله بالعدل والإنصاف ومحبة العلم والعلماء الذين لقوا في حكمه الإكرام والإعزاز والتقريب من مجلس الخليفة ومن شدة حبه للعلم ورغبته في نشره بين الناس قام بتأسيس المدرسة التي عُرفت باسمه في بغداد على شط دجلة من الناحية الشرقية ألا وهي المدرسة المستنصرية والتي سيتم التعرف عليها أكثر في هذا المقال.
تعتبر المدرسة المستنصرية التي أمر بإنشائها الخليفة العباسي المستنصر بالله سنة 1233م من أقدم المدارس والجامعات التي ما زالت قائمةً حتى اليوم وهي الأثر الباقي من خلافة المستنصر بالله الذي أحب العلم والعلماء، وأولى المدرسة اهتمامًا كبيرًا كي تكون منارًا للعلم في كافة الفروع الدينية والفلسفة والفلك والرياضيات والطب وعلوم الطبيعة والهندسة، إلى جانب تدريس المذاهب الأربعة فيها بأمرٍ مباشرٍ من الخليفة.
بدأ تشييد المدرسة على شط دجلة من الجهة الشرقية من ناحية الرصافة في بغداد سنة 1227م تحت إشراف مختص دار الخلافة في أمور البناء والتشييد محمد بن العلقمي وشقيقه أحمد، واستمرت أعمال البناء قرابة خمس سنواتٍ بتكلفةٍ بلغت سبعمائة ألف دينارٍ، وتمّ افتتاح المدرسة في احتفالٍ كبيرٍ ذُبح فيه ألفي رأسٍ من الغنم إلى جانب إقامة العديد من الموائد التي تضم أصنافًا متعددةً من الطعام والحلوى ابتهاجًا بهذه المناسبة.
تبلغ مساحة المدرسة 4836م² وتتألف من طابقين تحتوي على مائة غرفةٍ مخصصةٍ لسكن طلبة العلم، وتوجد بها سبع قاعاتٍ مخصصةٍ لتلقي العلم والمحاضرات، وفي وسط المدرسة توجد ساعة المدرسة المستنصرية والتي كانت تشير إلى مواعيد الصلاة على مدار اليوم والليلة، فضلًا عن حدائق صغيرة المساحة في باحات المدرسة ونافورة للمياه.
كان للمدرسة نظامٌ دقيقٌ متبعٌ في الدراسة وقد وفّر لها الخليفة العديد من الوسائل التي تعين الطلبة على تلقي العلم كالمكتبة المُلحقة بالمدرسة ووقف الأوقاف خصيصًا لها ومنذ سنة 1233م وهي تقوم بدورها على أكمل وجهٍ إلا في فترات انقطاعها نتيجة ما تعرضت له بغداد إبان الغزو المغولي على يد هولاكو وتدمير وحرق بغداد سنة 1258م لكن سرعان ما استأنفت الدراسة فيها سنة 1259م ثانيةً، وتوقفت الدراسة فيها مرةً أخرى سنة 1392م عندما غزا تيمورلنك بغداد ودمرها ودمر مدارسها وقتل علماءها تلى ذلك تدميره التالي لبغداد سنة 1400م نتج عن ذلك توقف الدراسة في المدرسة مدة قرنين من الزمان حتى سنة 1589م، وأغلقت المدرسة أبوابها سنة 1638م حيث استعملت بعد ذلك لأغراضٍ غير التدريس مما ألحق بها العديد من الأضرار واستمر الحال حتى سنة 1960م حيث كانت أول عملية ترميم لها لتكون متحفًا وأثرًا للزائرين بعد مضي ثمانية قرون على تأسيسها.