حقائق عن شعراء العصر العباسي بعد حكم الاسلام في الجزيرة العربية بقيادة الرسول عليه السلام انتقل الحكم الى الخلفاء الراشدين، وبعدها تسلم الحكم بنو امية فسميت بالخلافة الاموية، ولكن لم يتواصل الحكم لبني امية، فانتقل الحكم الى ال العباس في العصر العباسي. ادى ثبات الامور في العصر العباسي، وامتزاج الثقافات الاخرى المغيرة الى تطورات ادبية، واجتماعية، وعلمية، وفنية وسياسية، الامر الذي ادى الى ظهور عقول ناضجة تزخر بالعلم والادب ورقي الافكار والكتابة.

كان الخلفاء والروساء يشجعون الادب على نحو عام، والنثر على نحو خاص، فاعلوا من شان الكتاب وسلموهم مناصب وزارية واغدقوهم بالخيرات، وذلك بدوره اعلى شان الكتابة، وادى الى ظهور التنافس بين الادباء الذين كانوا يتسابقون في مواجهة الخلفاء على تقديم انقى واجود انواع النثر، وذلك ادى الى نقلة نوعية عظيمة في تاريخ النثر العربي من حيث الافكار والموضوعات، وعمق المعاني، فازدهر وتالق الادب في العصر العباسي.^[١]

شعراء العصر العباسي

برز عدد من ايمة واعمدة الشعر في العصر العباسي، فيما ياتي اهم الشعراء الذين كان لهم دور فريد في تاريخ الشعر العربي.

ابو الطيب المتنبي

اسمه الحقيقي احمد بن الحسين بن الجمال الكندي، الملقب بالمتنبي، هو من المع الشعراء العرب، يقال انه ادعى النبوة في مساحة بادية السماوة وتبعه البعض، وبعد ان فشل باقناع الناس بالنبوة حاول الى الملك كونه يحمل الاصول العربية من ناحية الام والاب، وتقرب الى الحكام بدافع القومية العربية، وكان معجبا بقيادة سيف الجمهورية الحمداني امير حلب والف له اجمل المدايح، معربا فيها عن شجاعته بمواجهة جيش الروم.

عرف بالكبرياء والشجاعة والغرور، واتسم شعره بالجزالة والقوة، تطرق المتنبي في شعره الى مواضيع عديدة، الا انه غلب على شعره المديح والهجاء والفخر، وايضا اشتهر بحكمه التي وردت في بعض اشعاره، واشتهر كذلك ببعض القصايد الملحمية. قتل على يد فاتك بن ابي جهل الاسدي عام 350هـ.^[٢]

من جميل القصايد التي الفها المتنبي قصيدة (واحر قلباه ممن قلبه شبم):

الخيل والليل والبيداء تعرفني

والسيف والرمح والقرطاس والقلم

صحبت في الفلوات الوحش منفردا

حتى تعجب مني القور والاكم

يا من يعز علينا ان نفارقهم

وجداننا كل شيء بعدكم عدم

ما كان اخلقنا منكم بتكرمة

لو ان امركم من امرنا امم.

ابوالعلاء المعري

هو احمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي، لقب بحكيم الشعراء فيليق به ان يصنف مع حشد الحكماء بدلا من طايفة الشعراء، وتميز عن جميع الشعراء بعلو الهمة وكرم النفس فلم يكتب شعرا قط لكسب المال او مدح احد، انما كتبه لنبوغه باللغة، كما تميز بالفطنة والذكاء الحاد، ونشا في منزل معرفة ورياسة وخير، فقد بصره وهو صغيرا، وبدا بتاليف قصايده وهو في الحادية عشر من عمره، اطلق على ذاته لقب رهيب المحبسين لانه حبس ذاته في بيته وفقد بصره. الف ديوان شعر اسمه اللزوميات، وفي النثر ابدع في برقية الغفران.^[٣]

من روايع المعري قصيدة غير مجد في ملتي واعتقادي:

غير مجد في ملتي واعتقادي

نوح باك ولا ترنم شاد

وشبيه صوت النعي اذا قيـ

ـس بصوت البشير في كل ناد

ابكت تلكم الحمامة ام غنـ

ـنت على فرع غصنها المياد

صاح هذي قبورنا تعم الرحـ

ـب فاين القبور من عهد عاد.

البحتري

هو المولود بن عبد الله، وكنيته ابو عبادة، هو من شعراء العصر العباسي، لقب بالبحتري نسبة الى جده بحتر، نشا في البادية فتلقى صفاء اللغة، ودقة القصة والبلاغة، واثرت البادية على طبيعة شعره فتميز عن غيره بالوصف والمديح، وعالج في شعره مواضيع تمت الحضارة، اتسم شعره ببساطة الالفاظ وعذوبة الموسيقا، وكان له ديباجة موسيقية متعددة النغمات حسب طبيعة الموضوع، وابتعد في شعره عن عمق المعاني والالفاظ.^[٤]

من اروع قصايده، قصيدة (اكان الصبا الا خيالا مسلما) وصف فيها الربيع في بعض ابياتها:

اتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا

من الجمال حتى كاد ان يتكلما

وقد نبه النوروز في غلس الدجى

اوايل ورد كن بالامس نوما

يفتقها برد الندى، فكانه

ينث موخرا كان قبل مكتما

ومن شجر رد الربيع لباسه

عليه، كما نشرت وشيا منمنما.

الاصمعي

هو ابو سعيد عبد الملك بن قريب، لقب بالاصمعي نسبة الى جده اصمع الاعلى، كان اماما في علوم مختلفة؛ كالحديث الشريف، والنوادر والاخبار، والشعر، والغرايب، اتسم بصدق الحديث، وقوة الحفظ، والتدين، ولكنه كان يتحرز في توضيح الكتاب والسنة، كسب ثقة الخلفاء واولاه هارون الرشيد تاديب ولديه. له العديد من مولفات عديدة مثل الاصمعيات، وخلود الانسان، والابل وغيرها من المولفات.^[٥]

من روايع الاصمعي (صوت صفير البلبلي)، اليكم بعض الابيات:

صـوت صــفير الـبلبـلي

هيج قـــلبي الثمــلي

المـــــــاء والزهر معا

مــــع زهر لحظ المقلي

وانت يا ســـــــــيد لي

وســــــيدي ومولي لي

فكــــــــم فكــــم تيمني

غـــزيل عقــــــــــيقلي

قطفته من وجــــــــــنة

من لثم ورد الخــــجلي.

ابو فراس الحمداني

هو شاعر وامير وفارس عباسي، كان يتيم الاب، فنشا في كنف رعاية ابن عمه سيف الجمهورية واخذه معه الى حلب، فتعلم الادب على ايدي العلماء والادباء الذين كانوا يتواجدون في بلاط الحمداني، كما تعلم الفروسية والقتال وشارك مع ابن عمه سيف الجمهورية العديد من غزوات في مواجهة الروم، ووقع اسيرا في ايدي الروم وطال اسره في القسطنطينية، قواعد اثناء اسره الكثير من الاشعار، اشعرها ما اسماه بالروميات الذي استنجد في شعره بابن عمه لافتدايه من الاسر، وعبرعن شوقه لامه واهله في بلده. اتسم شعره بالجودة، والجزالة، والعذوبة، والفخامة.^[٦]

من اجمل ما قواعد قصيدة (تقر دموعي بشوقي اليك)، تلك ابياتها:

تقر دموعي بشوقي اليك

ويشهد قلبي بطول الكرب

واني لمجتهد في الجحود

ولكن نفسي تابى الكذب

واني عليك لجاري الدموع

واني عليك لصب وصب

وما كنت ابقي على مهجتي

لو اني انتهيت الى ما يجب

ولكن سمحت لها بالبقاء

رجاء اللقاء على ما تحب

ويبقي اللبيب له العديد من

لوقت الرضا في اوان الغضب.

سمات الشعر في العصر العباسي

انقسم العصر العباسي الى عصرين؛ حيث تميز العصر العباسي الاول بعصر الشدة والاصالة والازدهار، فقد شهد فن الشعر في العصر العباسي الاول تطورا وتالقا، وقوة في الاداء، وجزالة وعمقا في الالفاظ والمعاني لدى بعض الشعراء، كما امتاز بعض منه بالليونة والسهولة، كما امتاز بعمق المبتغى ومعالجة المواضيع، تفاعل وامتزج الشعر العباسي مع الثقافات الاخرى التي اتت كثقافة الفرس التي كان لها تاثير قوي وواضح على الشعراء، والثقافة اليونانية التي ادخلت طابع المنطق والفلسفة على الشعر، والسريانية والهندية التي كان تاثيرها قليلا، كما ادى التمازج المتحضر الى ظهور طابع وطريقة حديث غير المعتاد؛ كالتكلم على السنة الحيوانات، والاستطراد في الخيال، والتصور الفني، وكثرة استعمال التشبيهات، كما تعددت المواضيع وتفرعت في الشعر العباسي، وغلب على طابعها المواضيع الانسانية بطريقة المديح، والرثاء، والهجاء، والفخر، والتهنية، والتعزية.^[٧]

اما العصر العباسي الثاني تميز بعدم ثبات الامور السياسية والامور العامة، وازدادت المصاريف والنفقات، واتسعت الطبقة الارستقراطية على حساب الطبقة العاملة، وبدا الضعف الاجتماعي والفني، واصبح الكتاب ينتقدون الحال الذي ماكينة اليه الخلافة العباسية، وظهر التراجع اللغوي بين الكتاب، الامر الذي ادى الى انحدار اللغة وضعفها على نحو عام، وغياب الفكرة العامة عن الكتابة، واستخدام معان هزيلة وركيكة حصيلة استعمال اللغة العامية حصيلة فقد التوازن بين امتزاج اللغة العربية مع الثقافات الاخرى.^[٨]