نبذه عن صراع الحضارات عاشت الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد السوفيتي في حالةٍ من الصراع والتوتر في أعقاب الحرب العالمية الأولى وتحديدًا منذ أواسط الأربعينيات من القرن الماضي وحتى مطلع التسعينيات، وكانَ التنافسُ بين هذه القوى العظمى شديدًا لدرجة أنه وُصفَ بأنه حرب غير معلنة، فبدأت كل منهما بالمضي قدمًا في تطوير الأسلحة ومواكبة التقدم الصناعي والخوض في تطوير التكنولوجيا، بالإضافة إلى التسابق إلى ارتياد الفضاء، وأسهمت هذه الحرب الباردة بظهور عدّة مصطلحات حديثة النشأة في أعقابها، ومن أهمِّها مصطلحُ صراع الحضارات، وفي هذا المقال سيتم تقديم معلومات حول مفهوم صراع الحضارات وسبب نشأتها.
يشيرُ مفهوم صراع الحضارات أو صدام الحضارات إلى فكرة أوجدتها الدول الغربية في غضون تحدٍ شديد نشأ بينها في إثبات تطور كل منها أكثر من الأخرى في مختلف مجالات الحياة، سواء كان ذلك اقتصاديًا أم اجتماعيًا أم تكنولوجيًا أم حتى سياسيًا، وارتكزت القوى العظمى خلال تطبيقها لهذا المفهوم على ثلاثة محاور رئيسة وهي الإنتاج والتراكم والثروة، كما يمكن القول بأن صراع الحضارات عبارة إطار تحاور قائم بين مختلف الثقافات إثر تعددها ومرورها بخمس أنظمة فرضت هيمنتها عليها، مما جعلها تتناسى الجانب الإنساني وبالتالي الاستبداد والطغيان الإنسانيّ بشكلٍ وحشيّ.
تعددت الأيديولوجيات الكامنة خلف اندلاع صراع الحضارات وتفشيها بشكل كبير مع تقدم الزمن، وقد بلغ عددها خمس أيديولوجيات حتى العصر الحالي، وهي:
قدّم العالم السياسي الأمريكي صامويل هنتنجتون نظريته صراع الحضارات تحت عنوان “صدام الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمي” في عام 1993م، وقد أحدثت هذه النظرية موجة من الجدل في الوسط السياسي الدولي في تلك الفترة، وكان مفادها أن الصراعات المندلعة بعد الحرب الباردة لن تندلع بين الدول القومية التي تختلف فيما بينها من حيث السياسة والاقتصاد، وإنما تلك التي تتلف فيما بينها من الناحية الثقافية، إذ تعدُّ الثقافة بمثابة المحرك الرئيس للنزاعات البشريّة.